Wednesday, October 3, 2018

3 October 2018 تحليل المرسوم التشريعي السوري رقم ١٦ بشأن وزارة الأوقاف


 تحليل المرسوم التشريعي السوري رقم ١٦ بشأن وزارة الأوقاف

غسان قاضي

حرصاً مني على توضيح أمور تتعلق بسلامة و أمن سوريا كما عهدت منذ ابتداء الحرب، صار لزاماً علي إلقاء بعض الضوء على المرسوم التشريعي المتعلق بوزارة الأوقاف السورية.



المرسوم المذكور يعرف بإسم المرسوم التشريعي رقم ١٦. و على عكس ما يُشاع عن كونه صادر من وزارة الأوقاف، فهو بالفعل صادر من رئاسة الجمهورية و يحمل في صفحته توقيع الرئيس بشار الأسد.



يحتوي المرسوم ٣٧ صفحة و يتألف من ٧ أبواب تحتوي ١١٥ مادة. و فيما يلي موجز للبنود و المواد التي تثير جدل اليوم.



الباب الأول يحتوي مادة واحدة،  و هو عبارة عن سلسلة من التعاريف تتعلق بوزارة الأوقاف.



الباب الثاني هو تحت عنوان "تحديد مهام الوزارة واختصاصات الوزير" و يتألف من فصلين.



الفصل الأول المادة ٢ تتعلق "بالتوجيه و الإرشاد الديني" و تعطي الوزارة مهمة "الإشراف على الأنشطة الدينية ... محاربة الفكر الديني المتطرف...و "حماية الوحدة الوطنية من مخاطر هذا الفكر و تجفيف منابعه... كالوهابية و تنظيم الأخوان و ما يماثلها". كما تدعو إلى "تطوير التعليم الشرعي...و ذلك بهدف إعدادنخبة من علماء الدين ....(الذين) يقدمون البديل المناسب عن التطرف و الأفكار المنحرفة و التكفيرية.....و التأكيد على احترام الأديان الأخرى كافة و إذكاء روح التجانس بين أبناء الوطن".



كما تنص المادة نفسها  "إلى التوجيه الديني السليم (الإسلام كما أنزله الله تعالى) و إصلاح منابع الخطاب الديني....و الإشراف على معاهد الأسد لتحفيظ القرآن و تفسيره...و الإشراف على الشؤون الدينية النسائية...و الرقابة على البرامج الخاصة بالعمل الديني في وسائل الإعلام كافة... بالتنسيق مع الوزارات المعنية" و "إقامة المؤتمرات و الندوات ...و المشاركة في المناسبات الدينية للأديان الأخرى". 



الفصل الثاني من الباب الأول يحدد إختصاصات الوزير و يوضح أنه "المرجع الأعلى للوزارة وله حق التوجيه للعاملين فيها و المكلفين بالعمل الديني...و قبول الهبات....وهو عاقد النفقة و آمر التصفية و الصرف لنفقات الوزارة".



الباب الثالث يتضمن ٩ فصول.  يحدد الفصل الأول في المادة ٦ من المرسوم ماهية "المجلس العلمي الفقهي الأعلى" المراد إنشاؤه و الذي يرأسه وزير الأوقاف و يكون مفتي الجمهورية فيه عضواً إلى جانب ٣٦ عضواً، خمسة منهم  نساء يُسمون، من قبل الوزير. و تحدد المادة ٧ من المرسوم أنه "يضاف إلى عضوية المجلس ممثلون عن الطوائف المسيحية كافة، تتم تسميتهم من قبل البطاركة عند مناقشة المسائل المشتركة بين الأديان و ما يتعلق بتعزيز الوحدة الوطنية ... وتتخذ القرارات بالتصويت بإجماع الأعضاء الحاضرين و في حال تساوي الأصوات يرجح جانب الرئيس (أي الوزير )."



و تحدد مادة (٨ د) أن من مهام المجلس العلمي الفقهي الأعلى "متابعة ما يصدر من فتاوى و أحكام شرعية و مدى تأثيرها على حياة الناس، بحيث تكون محافظة على ثوابت الدين، و محترمة للعقل، و منسجمة مع الواقع". و تحت مادة (٨ و) "تكريس علاقة المودة و تعميق جذور المواطنة بين المسلمين و المسيحيين و محاربة ظواهر التفرقة تحت شعار الدين".



الباب الثالث الفصل الثاني يحدد في المادة ٩ أن "مرتكزات الخطاب الديني" هي "التحليل بدل من التلقين" و أن "الإنتماء إلى الإسلام لا يتعارض مع الإنتماء إلى الوطن و المواطنة...و التركيز على الجانب الأخلاقي في الدعوة... و العمق في فهم النصوص... و نشر ثقافة الإعتدال... و اعتماد أسلوب الحوار..  و الإنتماء للإسلام و ليس للمذهب....و العمل على تصحيح المفاهيم و المصطلحات ... و التوعية ضد الخرافات و الأفكار المنحرفة .... و احترام حقوق الإنسان".



المادة ١٠ تتعلق بالعقوبات الواجب إتخاذها إزاء المخالفين للتعاليم الآنفة الذكر.



الباب الثالث الفصل الثالث يحدد "شروط و أصول التكليف بالعمل الديني الإسلامي" و الفصل الرابع يحدد "الواجبات و المحظورات على المكلفين بالعمل الديني" و الفصل الخامس هو فصل "العقوبات التأديبية" الواجب اتخاذها ضد المكلفين بالعمل الديني في حال شذوذهم عن الثوابت الوطنية و الأخلاقية و ما شابه. و الفصل السادس يتعلق بالإجازات ، و السابع بالبدلات النقدية، و الثامن بانتهاء خدمة المكلفين بالعمل الديني.



الباب الثالث الفصل التاسع المادة (المادة٣٧ أ) تحدد أن "يسمى المفتي العام للجمهورية العربية السورية و تحدد مهامه و اختصاصاته بمرسوم بناء على اقتراح الوزير لمدة ثلاث سنوات قابلة للتمديد بمرسوم".



أما الباب الرابع فيتعلق بتنظيم التعليم الشرعي و الجدير بالذكر أن المادة ٤٢ تحدد "على ألا يقل عدد ساعات المواد الكونية عن نصف عدد ساعات المواد الشرعية"



و الباب الخامس الفصل الأول مالي و يحمل عنوان "تنمية عقارات الأوقاف و استثمارها". الجدير بالذكر فيه هو الدعوة لتشكيل "مجلس الأوقاف الأعلى" و يرأسه الوزير و خبراء مدنيون.



أما الفصل الثاني من الباب الخامس فهو إداري تحت عنوان "إدارة الأوقاف" و جميع مواده و بنوده تتعلق بالأمور الإدارية و القضائية. و الفصل الثالث تحت عنوان "أصول استبدال العقارات الوقفية"، و الرابع يبند  "أحكام إيجار و استثمار العقارات الوقفية".



الباب السادس هو أيضاً إداري فني بعنوان "مديريات و شعب الأوقاف في الوحدات الإدارية".  أما الباب السابع و الأخير فيتعلق بالأحكام الختامية. ما يلفت النظر فيه هو المادة ١١٠ و التي نرى فيها أن المرسوم "يحظر ارتداء الكساء الديني الإسلامي أو استخدام الصفات و الألقاب الدينية الإسلامية من غير الأشخاص المؤهلين الرخص لهم بذلك وفق التعليمات التي تصدر بقرار من الوزير".



هذا هو ما يحتويه المرسوم سياسياً و دينياً و تشريعياً. اخترت هذا المنحى بغاية التركيز على ردود الفعل التي نراها اليوم.



صحيح أني لا أر في المرسوم ما يتطابق مع مبدإ فصل الدين عن الدولة، و لكنه يضع الرقابة على رجال الدين و المؤسسة الدينية  بيد الدولة المدنية العلمانية. ومن شاء أن يتحرى، فليتحرى بنفسه و لنفسه. 



أدعو الجميع إلى التعقل و الثقة بالقيادة الحكيمة. أدعو كل من وقف في وجه التيارات التي قتلت و نكهت و اغتصبت بحكم عقله و فؤاده أن يتوقف ليسأل نفسه إن كان هناك في المرسوم التشريعي ما يثير من الشك و الخوف. كما أسأل الجميع أن يقرؤوا نص المرسوم بنفسهم قبل الإنجرار بآراء الآخرين، و لا أستثني رأيي من رأي الآخرين، و احترامي و تقديري لجميع المخلصين الصادقين.


No comments:

Post a Comment